حشرة منزوية ، تستهويها المؤخرات ! انقلبت المعايير وبقيت ...مغناطيسا ، لا تحملق بالتأكيد أنت حشرة ...والنادل ما باله يتابعك بنظراته المريبة،، ابتسم الحمد لله، وكالعادة يزيل الغبار الآسن، ويترك الفنجان من ورائه تحتسيه ببرودة أعصاب .
اعتادت الحشرة / الإنسان حذلقة الإطارات الكبيرة المثبتة على الجدران، وتفحص الوجوه الغريبة، شيء غير مألوف فعلا أن ترى في الركن المقابل جهة اليسار ملصقا عن وجود جداريات فنية عند مدخل المدينة !!
بالفعل ، أنساك الانزواء مدخل المدينة، لم تعد تذكر منه غير الفوضى التي تقابلك وأنت قادم من دائرة الضباب،فوضى في كل شيء.. في مكعبات الصفيح المتناثرة ،في عيون الأطفال التي تصادفك
***
لم يكن الأمر يحتاج إلى إضاءة،، أشعة الشمس تكفلت بمهمة الإنارة فغدت الألوان زاهية وهاجة .
- ابتعد عن الجدارية لتتمكن من ملاحظة الشكل العام
- لكن ..حشرة بليدة أنت ماذا عساك أن تفهم في الكلاسيكي والانطباعي والتعبيري ألانتقادي، لو كلفت أن تصنف هذه الجداريات بين سريالية وتجريدية ورمزية لآحتجت لمال قارون أعواما دون أن تلوي على شيء !!!!
حشرة ذكية أنت في تصنيف المؤخرات ،ساعتها تكون مارد عصرك ،ولآبتكرت المؤخرة التكعيبية ،ولأفحمتني بأن بين المشهد الطبيعي والجسد تشابه على مستوى الشكل والإيقاع الداخلي !!
أعرف أنك تمقت هذه المثلثات وهذه الأشكال المخروطة، وددت لو استبدلت كل شيء بدوائر !!
ولو خصصوا لك جدارية لأحضرت مشطك المتهالك ،وأغراضك المشوهة، ثم لغمست كل واحدة منها في الأصباغ، ولقذفت بها الجدارية وفي الزاوية اليسرى السفلى توقع : حشرة، بيكاسو، جورج براك ، خوان كريز، خلفوا وراءهم عرمرم الحشرات التي استطاعت أن تتفنن في إطالة اللحى الكثة ،ماذا يضير العالم لو اندست حشرة صغيرة وسط الجيش ؟؟
***
انتهت الجولة لكنه لم يسلك خط الرجعة ،وتقدم سيرا ثم مال ليجد نفسه أمام عبارة عريضة كتبت خلف الجداريات : " ممنوع البول ورمي الازبال ...شكرا "
وعلى بعد أمتار من الجدار كان هناك مستنقع كبير يفصله عن البيوت الواطئة ،الإنسان الحشرة يتقدم نحو الجدار......يتبول ، وفي أعماقه أنه لم يخالف المنع !! وإنما كان يدون ملاحظاته حول الأعمال الفنية للجدارية..
وانصرف مخلفا تيارات فنية ارتسمت على أديم المستنقع …………